سامر الحسيني
البقاع :
يعكس مشهد طوابير السيارات السياحية العربية التي تنتظر للعبور إلى لبنان، من ساحة الأمن العام في منطقة المصنع الحدودية في البقاع، الكثير من المؤشرات السياحية الإيجابية التي بدأت تباشيرها بالتوافد من خلال حركة سياحية ناشطة تتلمسها الأماكن والمؤسسات والمقاهي السياحية في المنطقة التي يصف أصحابها الموسم السياحي الحالي بـ«أكثر من رائع ومميز».
على طول الطريق الدولية في منطقة البقاع الممتدة من الحدود اللبنانية – السورية، تعبر يومياً مئات السيارات السياحية القطرية والأردنية والسعودية والإمارتية والكويتية والسورية في مواكب تقل عشرات العائلات العربية، يعرفها البقاعييون من الطلاء المضاد للرمال «المرشوش» على السيارات الخليجية، وطبعاً من لوحات التسجيل.
وتشكل منطقة البقاع، وخصوصاً المصنع، نقطة عبور اساسية للحركة السياحية العربية، التي تعرج في رحلة الوصول الى بيروت على المقاهي في شتورا وفنادقها وعلى المؤسسات التجارية التي تعيش على حركتها لما تشكله من شريان تجاري ومالي في البقاع الاوسط.
يشير مصدر أمني حدودي إلى ان التوافد العربي الى لبنان هذه السنة يفوق كل التوقعات، فالبداية أكثر من مشجعة، والأعداد تتزايد بشكل مضاعف مرات ومرات عن السنوات الماضية، خصوصا بالنسبة للعائلات السورية التي عادت لتكون الزبون المحرك لمؤسسات زحلة وشتورا من محال الألبسة إلى المطاعم فالمؤسسات التجارية والمالية.
تتطلع مؤسسات البقاع الأوسط السياحية والتجارية للاستفادة من السياح العرب التي تقابلها حركة هي الانشط والأكبر وتتمثل بالمغتربين اللبنانيين الذين باتوا يترددون بأعداد كبيرة إلى منطقة البقاع والمناطق الأخرى، ويشكلون حوالى سبعين بالمئة من مجمل الحركة السياحية والمالية في مؤسسات البقاع السياحية.
وتجد أن التفاؤل والأجواء الإيجابية هما سمة بارزة للموسم عند أصحاب المؤسسات السياحية في البقاع الاوسط، والمنشغلين باستقبال أفواج لا تحصى من السياح العرب والمغتربين اللبنانيين، لا سيما ان منطقتهم باتت مقصداً وعنواناً كبيراً وأساسياً للكثير من انواع السياحة المحلية والداخلية وفي طليعتها سياحة التسوق والآثار والسهول الزراعية والمقاهي والمهرجانات السياحية والفنية. واطلقت غالبية المناطق البقاعية مهرجاناتها. منذ الأسبوع الأول من تموز ولغاية نهايته.
وتضاف إلى ما سبق سياحة مهمة وهي سياحة الأعراس التي باتت تلقى رواجاً، وتعد من اهم المصادر المالية لأصحاب المؤسسات السياحية لما تستقطبه من مغتربين لبنانيين وبرامج فنية.
شتورا نقطة وصل وعبور
تقسم المناطق السياحية والتجارية في البقاع الاوسط الى ثلاث مناطق ابرزها شتورا وتليها زحلة وواديها ثم عنجر. ولكل من هذه المناطق ميزة تستقطب عبرها العدد الأكبر من الرواد لبنانيين كانوا أم عرباً أم أجانب.
«المغريات كثيرة للسياحة في البقاع، الا ان الاستقرار الامني والسياسي هو من اهم الحوافز لاي حركة سياحية»، وفق ما تقول ريتا خوري بوشكيان مديرة بارك اوتيل شتورا، لافتة الى تطور البنية السياحية الخدماتية في البقاع من فنادق ومقاه يجعل المنطقة محط أنظار الكثير من العائلات اللبنانية المغتربة والعائلات العربية والخليجية.
واستعدادا للموسم السياحي الحالي، أجرت ادارة «بارك اوتيل» تحديثات وتطويراً على الفندق وغرفه الـ«75» بما «يتناسب مع مواصفات فندق خمس نجوم مجهزة بافضل وسائل الراحة والتكنولوجيا المتطورة التي باتت أساسية في قائمة الخدمات السياحية»، حسب ما تقول خوري التي تأمل بصيف واعد وموسم رائع، خصوصاً ان الاجواء السياسية مستقرة، وتزاحم البرامج الفنية. وتبرز عودة تنظيم الحفلات الفنية الى فنادق البقاع.
وتشير خوري إلى تأثير مهرجانات بعلبك الدولية وبيت الدين كعامل أساسي في تزخيم حركة حجوزات الغرف لما تتضمنه من برامج يحييها فنانون عالميون يستقطبون بدورهم نخبة من السياح العرب واللبنانيين والأجانب وتشكل شتورا محط انظارهم في استراحتهم.
وتعتبر شتورا نقطة وصل وعبور اساسية للحركة السياحة العربية في لبنان، وتستفيد مؤسساتها السياحية من استراحة المصطافين والسياح المتجهين إلى بيروت وقرى الجبل، الا انه الملاحظ ان جزءاً كبيراً من الحركة بدأ يستوطن منطقة البقاع الأوسط، خصوصاً شتورا لما تتميز به من مؤسسات تجارية وسياحية. ويشكل عامل الاستقرار وغياب الازدحام اللذان يطبعان مدينة بيروت حافزا للسياحة الداخلية في البقاع، يضاف إليهما سحر الأماكن الأثرية التي تنتشر في مختلف قرى البقاع الاوسط والتي تبدأ مع الآثار الرومانية والاسلامية في عنجر مرورا بمجدل عنجر وقلعتها الاثرية الى قلعة حيدرة الرومانية في قب الياس وكرك نوح وآثار قصرنبا وقلعة نيحا، والاهم قلعة بعلبك التي تستهوي السياح الأجانب بأعمدتها ومعابدها التي ما تزال موضع اعجاب وعاملاً اساسياً في الحركة السياحية في البقاع. وتشكل زيارة الوفود الاجنبية الى القلعة مصدر رزق للمؤسسات السياحية في شتورا وزحلة وعنجر التي تستقبلهم على حفلات الغداء والعشاء والمشاركة والحضور في بعض البرامج السياحية والفنية التي تنظمها هذه المؤسسات والتي تعود بارباح مالية لابأس بها.
وتشكل شتورا وما تزال استراحة للوفود العربية من رسمية واقتصادية وسياحية، وكان لافتاً ان يعرج وزير الداخلية السوري اللواء بسام عبد المجيد في ختام زيارته الى لبنان بعد مشاركته في مؤتمر وزراء االداخلية العرب في بيروت الى «سوبر ماركت غزالي» التي تشكل العنوان التسويقي الأهم في البقاع للكثير من الوفود السياحية العربية وتحديدا العائلات السورية والوفود الاجنبية. ويلاحظ المهتمون بالشأن السياحي التجاري أن بعض طواقم السفارات العربية والاوروبية في سوريا تدأب ومنذ سنوات على تنظيم سياحة تسوق في البقاع الذي استعاد الكثير من الوجوه السورية والعربية، وفق ما يقول صاحب «غزالي» عدنان غزالي، لافتاً الى تصاعد حركة تسوق سورية وعربية ولبنانية اغترابية «واللافت عودة حركة تسوق ناشطة روادها العائلات السورية التي كنا قد افتقدناه في السنوات الماضية».
تمتاز منطقة البقاع الأوسط بكثرة مهرجاناتها السياحية مقدمة باقة من البرامج الفنية والفلكلورية والتراثية، وكذلك تخصيص بعض البلدات مهرجانات للمغتربين. وتطلق بلدية قب الياس – وادي الدلم مثلاً هذا العام مهرجان المغتربين الثاني عشر في الثاني من آب المقبل برعاية رئيس مجلس الوزراء المكلف النائب سعد الحريري.
ويهدف المهرجان، وفق ما يقول رئيس البلدية فياض حيدر، إلى تعميق التواصل بين لبنان المقيم والمغترب، لما تضمّه بلدة قب الياس وبلدات البقاع الغربي من أعداد كبيرة من المغتربين اللبنانيين. وتتركز نشاطاته على برامج تراثية مستوحاة من الواقع القروي القديم اللبناني كالعشاء القروي وحفلات الطرب والفلكلور اللبناني التي ما تزال موضع حنين عند المغترب اللبناني.
سياحة الجمال الزحلي
من أروع أنواع السياحة في زحلة، سياحة الجمال وتحديدا حفل انتخاب فتاة الكرمة وملكة جمال زحلة التي تعتبر جزءاً أساسياً من التراث الزحلي، حيث تتسابق فتيات عروس البقاع على الفوز باللقب لما يحمله من اهمية زحلية واغترابية.
ولا تقتصر حفلات الجمال في زحلة على فتاة الكرمة، بل باتت ركناً أساسياً من البرامج والحفلات الرئيسية للكثير من الجامعات الزحلية والمؤسسات والاندية، اضافة الى تنظيم بعض الشركات الإعلانية لحفلات الجمال.
عنجر العنوان الأكبر للسياحة الداخلية
تحولت منطقة عنجر في السنوات الأخيرة إلى عنوان كبير للسياحة الداخلية، حيث وجدت مئات العائلات اللبنانية ضالتها الاقتصادية في مطاعمها المنتشرة بكثرة في احيائها، مما شكل متنفسا اقتصاديا للطبقة اللبنانية المتوسطة.
في عنجر الكثير من الحوافر والمؤهلات السياحية. وتشكل قلعتها الأثرية احد ابرز المواقع الاثرية في البقاع لما تضمه من خليط لثقافات قديمة من الرومانية والبيزنطية والاسلامية.
وتضج مطاعم عنجر بمئات الوفود السياحية من مختلف المناطق اللبنانية ولم تعد الحركة السياحية في قاعاتها محصورة بابناء البقاع انما تشمل ابناء الجبل وبيروت والمتن وحتى الشمال والجنوب، وفق ما يقول حنا زتليان صاحب مطعم الشمس. ويصف زتليان الحركة السياحية بالكثير من الايجابية و«الاهم تنوعها بين العائلات اللبنانية المغتربة وطواقم السفارات الاجنبية في سوريا وجديدها العائلات السورية التي تتصاعد حركتها يوماً بعد يوم».
منطقة سياحية بين أبلح وبداية منطقة بعلبك
يمكن لاي عابر على الطريق الدولية التي تربط زحلة بمدينة الشمس بعلبك تلمس ومشاهدة واقع سياحي وتجاري جديد يمتد على الطريق الرئيسية بين ابلح وبداية اوتستراد رياق – بعلبك.
الفورة التجارية على الطريق بدأت مع بناء الجامعة الانطونية وفندق ومطعم رنا السياحي الى افتتاح مجمع الخيال السياحي الذي يضم فندقاً مصنفاً خمس نجوم، عدا عن عشرات المؤسسات التجارية والمالية التي تزداد يوماً بعد يوم.
وتعطي المؤسسات السياحية هنا صورة مغايرة للواقع الاجتماعي والسياحي في منطقة البقاع، خصوصاً بعلبك، وفق ما يقول صاحب مجمع الخيال السياحي عباس مرتضى الذي يرفض «كل الدعاية الاعلامية المغرضة، وفق وصفه للمنطقة التي تملك الكثير من الطيبة والمؤهلات السياحية والتجارية والاهم الاستقرار الأمني».
ويؤكد مرتضى على الخيار الانمائي وليس التجاري البحت في إنشاء المجمعات السياحية التي تضم فندقاً ومسابح مختلطة وصالات اعراس قد تكون الاكبر والاوسع في لبنان، والى قاعات محاضرات وندوات والاولوية لاستقطاب جزء كبير من اليد العاملة في البقاع.
على مقربة من الخيال السياحي يقع فندق رنا السياحي الذي يدار من قبل شركة لادارة الفنادق والمجمعات السياحية في لبنان. ويشير احد إدارييها سليم أبو احمد إلى النظرة الضعيفة الرسمية تجاه القطاع في المنطقة.
لا يخفي ابو احمد العقبات التي تحول دون تطوير القطاع السياحي في المنطقة التي تفتقد ليد عاملة متخصصة في الخدمات السياحية، الا انه متفائل ومتأكد بأنها ستنهض سياحياً، ويدلل على ذلك من خلال الحركة السياحية التي تتحسن يوماً بعد يوم، ولا يعوزها سوى الاعتراف الرسمي بالواقع السياحي الحديث في المنطقة.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
30 | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 |