فريق "جيثرو تول" في "مهرجانات بيبلوس" روك الستينات والسبعينات بنكهة الألفية الثالثة

سحر طه

عاد بنا فريق "جيثرو تول" البريطاني الشهير ما يقارب الأربعة عقود الى الوراء، وذلك في ليلة أخرى من ليالي تتواصل حرارتها وتزداد حشودها في "مهرجانات بيبلوس"، فأطلق أعضاء الفريق ـ على قلتهم ـ العنان لموسيقى الروك آتياً من ثنايا الستينيات، ومن تهويمات "الروك أند رول"، وبقاياه، الباقية في وجدان من عاصره، ونهل منه كما هو فريق "جيثرو تول".
ومن مزايا الفريق إنه جمع أمامه في المدرجات الآلاف من كل الاعمار والسحنات والاطياف، ولا غرابة إذ أن أجيالاً نشأت على موسيقاه، منذ أكثر من اربعين عاماً حين بدأ بالظهور عام 1968، اضافة الى ادخال انماط متعددة من "البلوز"، الى "الكانتري" وغيرها بشكل مستمر الى نتاجاتهم وأغنياتهم، مكنت الفرقة من تطويع فن "الروك" وعبر خبرة طويلة وأداءات في مناطق وبلدان، ليحاكي أو يتماشى مع لغة العصر والمكان الذي يقدمون فيه أعمالهم.
ولا يمكن نسيان المرونة التي يتمتع بها العضو الأساس في الفريق إيان اندرسون، البهلوان، المتراقص الذي لا يهدأ، والمشغول طوال الوقت بآلاته، يعزف الفلوت تارة ليستل المندولين في لحظة أخرى وما بينهما يعلو صوته او يتغنى بلغة قوية أغنياته الشهيرة:
Thick as a Birck, Aqualung, Song For Jeffrey , Locomotive Breath , The Witchs Promise , Sweet Dream , Cross-Eyed Mary, Bouree, Bungle In The Jungle
وغيرها من اشهر اعمال الفريق. او يرقص رقصة القطط فيذكرنا بألبومه الصادر بعنوان "Rupis Dance" وصورته مع القطة في رقصة واحدة، وفي هذا مرح الطفولة الذي يسكنه دوما، ويلقي بطرائفه بسلاسة في تواريخ وأمكنة وحفلات مضت وأحداث وكأنها من حكايا "ألف ليلة وليلة".
يعزف على آلة الفلوت، صحيح لكن ليس مثل عازفين آخرين كما هي العادة، فهو يتحدث اثناء العزف او يطلق بعض التهويمات والأنات، والاصوات ولا ينهي معزوفة بشكل تقليدي معروف، بل بحركات بهلوانية، مسرحية، وبأسلوبه المشوش الفريد، او مثل قطة تموء فيما رجلاه منطلقتان في الهواء، قلما نراهماعلى الارض.
إيان أندرسون الذي احتفل منذ فترة بأربعة وثلاثين سنة من الانجازات في عالم الموسيقى ما بين تسجيلات وحفلات كان يمنح خشبة المهرجان وأجواء "جبيل" المفتوحة مهرجاناً آخر بألعابه المفضلة ورقصاته التي لا تعلو فوق لغة الإتقان والحرفية، بل تدعمها وتضيف اليها روح الشباب الدائم بلغة الطرافة واللطافة التي جذب فيها الشباب الى صفه ولكي لا يكون الروك أو الموسيقى الكلاسيكية لفئة معينة دون أخرى بل عرف كيف يعلن أن الموسيقى عالم رحب واسع الامكانات والأرجاء وغير محدود بقالب أو عمر ولا شيء فيها مقدس او "محرم" بل بالإمكان تفكيكها وإعادة تركيبها وصياغتها من جديد بلغة العصر كما فعل بإحدى مقطوعات يوهان سيباستيان باخ.
ولم يتوقف الأمر عند الأعمال المبكرة، بل كانت جولة على نتاجات السبعينيات وما بعدها وصولاً إلى اليوم ومن خلال الجولة لمسنا التغيرات الكبيرة والتطور الذي طرأ على موسيقى الفريق والتنوع الكبير والخبرة بخاصة مع الأعضاء الآخرين الذين لهم باع طويل مع اندرسون مثل عازف الغيتار الالكتريك والاكوستيك مارتن باري الذي أبدع طوال مسيرته منذ العام 68 مع "جيثرو تول" ودافيد غوديير عازف غيتار الباص الغائص في بحر الجاز والبوب الروك اضافة الى جون اوهارا عازف البيانو والكيبوردز وكذلك عازف الدرامز الذي أتقن وصلة من الارتجال على آلاته الإيقاعية رغم انقلاب أحد الصنوج النحاسية، وبذلك كانت فرصة حضور الفرقة ومشاهدتها عن كثب وهي التي في جعبتها حتى الآن اكثر من اربعين اسطوانة باعت منها ما يقارب السبعين مليون في العالم منذ بدايتها وحتى اليوم.