قوى المعارضة في مهرجان «القومي» تركز على الحوار والوحدة تأكيد على حكومة مشاركة حقيقية وخيار المقاومة ومواجهة الطائفية

اقام الحزب السوري القومي الاجتماعي، امس، مهرجانا بمناسبة الذكرى الستين لاستشهاد مؤسسه أنطون سعادة، بحضور حشود من مختلف المناطق اللبنانية في الـ«فوروم دي بيروت». وتحدث فيه ممثلون عن احزاب وقوى المعارضة، وبينهم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، فأكدوا على حتمية تشكيل حكومة شراكة وطنية وعلى خيار المقاومة لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وعلى مواجهة الحالة الطائفية المستشرية في المجتمع، وعبّر عن هذا التوجه المعارض رئيس الحزب القومي النائب اسعد حردان، فدعا «لأن تكون الحكومة العتيدة «حكومة وفاق وطني حقيقي، حكومة المشاركة الحقيقية الشاملة الفاعلة»، مؤكداً أن «الشراكة تساهم إلى حدّ كبير في الخروج من الازمة، وفي توحيد المواجهة وتصليب الارادة، وفي إقفال الابواب التي يستفيد منها العدو الاسرائيلي».
حضر المهرجان: وزير الصحة الدكتور محمد جواد خليفة ممثلا رئيس الجمهورية، والنائب علي حسن خليل ممثلا رئيس مجلس النواب، والوزير ابراهيم شمس الدين ممثلا رئيس حكومة تصريف الاعمال، والدكتور عصام الجوهري ممثلا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. والأمين العام للمجلس الاعلى اللبناني السوري نصري خوري، ورؤساء وممثلو الاحزاب الوطنية وممثلون عن الفصائل الفلسطينية، وشخصيات نقابية وسياسية ورجال دين من مختلف الطوائف.
وقد استهل المهرجان الحاشد بعروض نظامية قدمها سبعة الاف طالب وشبل وزهرة، على وقع الاغاني والأناشيد القومية، وقدم للعرض مدير الدائرة الاذاعية المركزية كمال نادر. وبعد النشيدين الوطني اللبناني والسوري القومي الاجتماعي قدمت رندة بعقليني خطباء المهرجان.
كلمة حركة «أمل»
ثم ألقى كلمة حركة «أمل» النائب علي حسن خليل الذي اكد الالتزام بنهج سعادة والإمام السيد موسى الصدر، «في الوعي والالتزام الوطني والقومي، والدفاع عن الوحدة والدولة ـ دولة العدالة الاجتماعية والحرية والمؤسسات. والإقفال على عناصر التفرقة والطائفية والانعزال، ومواجهة مخاطر المشروع الصهيوني، وإطلاق المقاومة المسلحة وتقديم طلائع الشهداء في مواجهته ومن أجل تحرير الوطن».
وقال: وفي لبنان المطلوب الاستعداد والتركيز على كل مكامن القوة لمواجهة هذا الخطر عبر الالتزام بالمقاومة والالتزام بتكامل دورها مع الجيش اللبناني.
وقال: اننا نجدد الحرص على تسهيل تشكيل الحكومة ودعم الرئيس المكلف في مهمته ليس من أجل إثبات الحضور السياسي أو الحزبي في السلطة، ولا لتسجيل النقاط على الاكثرية بعد الانتخابات، بل من أجل تأمين الشراكة الضامنة للجميع التي تطمئنهم وتترجم المستعاد الايجابي من الخطاب السياسي بعد الانتخابات لدى الشركاء الاساسيين، خطاب الوحدة والحوار والحرص والانفتاح والتركيز على مخاطر ما يجري في المنطقة والعالم من استهدافات، ومواجهة التحديات بأوجهها كافة.
ودعا الى وقف «السياسات الضيقة، التي تريد إعادة منطق الانعزال التي ترفعها بعض الاصوات التي تعيش هاجس السقوط، فتستحضر خطاب التوتر لتبقى حاضرة في الساحة السياسية».
وختم داعيا «الى القيام بمراجعة جدية لخطاب المرحلة الماضية، لجهة العلاقة مع الشقيقة سوريا وقيادتها، العلاقة التي خدمت لبنان وساعدته ومقاومته على الصمود والانتصار، وأن يبادر الى كسر الجمود وبناء أمتن العلاقات الطبيعية خارج عناوين التوتر المصطنعة، وبما يؤمن مصلحة البلدين ومناعتهما ويؤمن أيضاً تعاوناً حقيقياً يشكل ركيزة العلاقات العربية ـ العربية».
كلمة الأحزاب الوطنية
وألقى كلمة الاحزاب الوطنية رئيس «حزب الاتحاد» الوزير السابق عبد الرحيم مراد، فدعا الى «الأخذ بالصيغة اللاطائفية التي ينتهجها الحزب السوري القومي الاجتماعي، بل أن تعتمد كأساس لإعداد قانون جديد للأحزاب في لبنان».
وقال: إذا كانت الانتخابات النيابية الاخيرة هي صفحة طويت؛ فإنها تمثل بلا شك مجرد محطة أولى، على طريق فتح صفحة جديدة، تستند الى مجموعة من الثوابت:
أولاً ـ تعميم المصالحات الوطنية، وإدارة الخلافات التفصيلية بشكل عصري وعقلاني، لمعالجة المشكلات الداخلية والتحديات الخارجية. وهذا يقتضي الشروع في الاصلاحات المطلوبة بأن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، يشارك بها الجميع عن اقتناع، مشاركة حقيقية، لا شهود زور، لا منة من أحد على أحد، لأن الوطن في حاجة للجميع في هذه المحطة التاريخية المفصلية.
ثانياً ـ ضرورة التفرغ لمواجهة هموم الناس، ومغالبة الازمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة التي أرهقت كاهل اللبنانيين.
ثالثاً ـ إن اتفاق الطائف ينص على قيام علاقات لبنانية جيدة مع الدول العربية، ومميزة مع سوريا، وبالأحرى ثمة مصالح مشتركة لتكون هذه العلاقات مميزة جداً. إن العلاقات المميزة لا تؤكدها البعثات الدبلوماسية، إنما العلاقات الاخوية الصادقة بين الشعبين، والتداخل والترابط الاجتماعي، والمصالح المشتركة، ما نتطلع إليه لبنانياً وسورياً وعربياً.
رابعاً ـ تأكيد خيار المقاومة، وتعميم ثقافتها في المجتمع، والتمسك بسلاحها كوسيلة لمواجهة العدوان والأطماع.
التيار الوطني الحر
وألقى كلمة التيار الوطني الحر النائب الدكتور نبيل نقولا وجاء فيها: أنطون سعادة، لو كنت بيننا اليوم، لأيقنت أن الامة التي بالحد الادنى من توحدها، غيرت فعلاً وجه تاريخ المنطقة، فحملت مشعل الانتصار مع الشعب اللبناني بيد، وحملت بيدك الاخرى السوط الذي طرد به المسيح تجار الهيكل، إزاء قلة قليلة مشبعة بثقافة الهزيمة التي لا تفرق بين الذل والعز، بين الهزيمة والانتصار. لو كنت بيننا اليوم، لكنت قائدا تقاوم مع من يقاوم كل مشاريع التقسيم والتوطين والالتفاف على انجازات الشعب والمقاومة.
وقال: لو كنت بيننا اليوم، لأفهمت من لم يفهم بعد، بأن وحدة لبنان تتلازم دوما مع سيادته، بحيث لا وحدة من دون سيادة، ولا سيادة من دون وحدة.
حزب الطاشناق
ثم ألقى الأمين العام لحزب الطاشناق هوفيك ميختاريان كلمة تناول فيها التطورات منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولا الى اجراء الانتخابات النيابية الاخيرة، وقال: إن تركيبة لبنان الفريدة والمتمثلة بالديموقراطية التوافقية من جهة وعلاقته بمحيطه العربي من جهة أخرى، تفرض عليه إقامة الحكم فيه بمشاركة الجميع لتعزيز صيغة العيش المشترك بين جميع أبنائه. وانطلاقاً من هنا، نرى نحن في حزب الطاشناق، أن التشكيلة الحكومية التي سوف يقدمها الرئيس المكلف سعد الحريري يجب أن تراعي خصوصية هذه التركيبة بموازاة مراعاة الظروف الاقليمية.
وتطرق أيضا الى التحديات الكثيرة التي هي بانتظار الحكومة المقبلة من مشاكل اجتماعية واقتصادية وحياتية.
«حزب الله»
وألقى كلمة «حزب الله» رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وتناول فيها عدوان تموز الاسرائيلي العام 2006 واهدافه في استتباع لبنان لمنظومة الشرق الاوسط الجديد، وتصفية القضية المركزية للأمة، وتوطين الفلسطينيين في لبنان وبلدان الشتات، وتكريس يهودية الكيان الصهيوني. وقال: بقدر ما كان هذا المشروع محكماً.
اضاف: على جميع القوى الوطنية والقومية والاسلامية المناهضة لمشروع الهيمنة والتسلط على لبنان والمنطقة، أن تدرك خطورة الغفلة عن الاساليب الجديدة المبتكرة، وكارثة الانخداع بأضاليل السياسات التي يروجها اليوم أصحاب المشروع نفسه.
وتابع: إن التوافق اللبناني والشراكة الحقيقية في حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها، هما خطوة ضرورية لتحصين لبنان ضد مخاطر واستهدافات تلك القوى المعادية. وإننا في «حزب الله» إذ نلتزم المرونة والتسامح في التعاطي بالشأن الداخلي ومع الجهات اللبنانية، فإننا نلتزم أيضا الحزم دون لين والشدّة في التعاطي مع كل تآمر أو عدوان يستهدف لبنان على مستوى الهوية والموقع والدور. وهي جميعها محددة وواضحة في ميثاق الوفاق الوطني.
وتابع رعد: إن ميثاق الوفاق الوطني والدستور يمثلان مرتكزاً صالحاً لبناء التفاهم بين كل اللبنانيين، وإن تحديد التصرف العملي الحاسم على قاعدة أن اسرائيل عدو وجودي يشكل تهديداً دائماً وداهماً للبنان، من شأنه أن يقفل بقية النوافذ المشرّعة أمام كل المخاطر الخارجية والانقسامات الداخلية.
حردان
كلمة الختام كانت لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان اكد فيها على الخطرين اللذين يواجهان الامة، خطر العدو الصهيوني، والخطر الداخلي المتمثل بالطائفية والمذهبية، مؤكدا ان قدرات الامة كفيلة بمواجهة المشروع الصهيوني، وركز على «معادلة المقاومة التي فرضت نفسها ثقافةً وإرادة وروحية».
وعدد حردان مخاطر المشروع الصهيوني ضد الدول العربية والقائم على التقسيم والحروب والفتن، وتحدث مطولا عن دور سوريا في حماية لبنان ووحدته، ومساعدته في مواجهة العدوان الاسرائيلي. وتساءل: أَلَمْ يكتف بعض اللبنانيين بالمواقف العدائية الممجوجة تجاه سوريا؟ وهل يخدمون لبنان وشعبه بذلك؟ ألم يحن الوقت ليقتدي الجميع بنهج القيادات العاقلة في قراءة حقائق التاريخ والجغرافيا والمصالح، وفي تكريس العلاقات الطبيعية مع دمشق، وهي العلاقات التي نصَّ اتفاق الطائف على تميزها لأنها تؤمّن المصالح الحيوية المشتركة بين البلدين؟
وحذر من «جرثومة الطائفية في لبنان»، داعيا الى معالجة الداء الخطير بثقافة الوحدة الداخلية وبالتربية على التاريخ الواحد والحاضر الجامع والمستقبل الواعد، في ظل سياسة إصلاحية شاملة تضع حداً للفساد والمفسدين».
وشدد على حماية المقاومة واحتضانها وتعميم ثقافتها وانجازاتها.