محمد نور الدين
خلال أسبوع واحد كانت تركيا محور تحرك مرتبط بقضايا شرق أوسطية أساسية، من الدولة الفلسطينية إلى المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية.
في الأسبوع الماضي استقبل الرئيس التركي عبد الله غول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ولفت أثناء الزيارة موقف للرئيس التركي يتناقض مع ما أعلنه ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا من انه إذا لم يتم التوصل إلى حل في مدة محددة فإن الاتحاد الأوروبي سيسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، يعلن فيه إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وكان تعليق غول على هذا الموقف هو معارضة أي قرار من هذا النوع إن لم يكن نتيجة توافق بين اللاعبين الأساسيين، بل سيكون القرار مضراً من دون هذا الاتفاق.
تركيا معنية أكثر من أي وقت مضى بهذه الأفكار التي تطرح لأنها عضو مؤقت في مجلس الأمن الدولي. ورأت صحيفة «ميللييت»، أمس، أن موقف غول أثار ارتياح إسرائيل، وعلى الأرجح انزعاج عباس من دون أن يخرج ذلك إلى العلن. فموقف غول يترك فكرة إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة إلى مرحلة لا ترى نهايتها، وهذا يتناقض ولو جزئياً مع موقف تركيا من القضية القبرصية مثلاً. فأنقرة ترى انه إذا لم يتم التوصل إلى حل في الجزيرة حتى نهاية العام الحالي فلكل طرف أن يختار الطريق التي تلائمه. فلماذا تحلل أنقرة في قبرص ما تحرمه في فلسطين؟
وترى الصحيفة أن موقف غول ليس بعيداً عن نماذج أخرى في المنطقة، ومنها أن إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة قد يشكل مثالاً لإعلان دولة كردية مستقلة. وربما تكون أنقرة قلقة من احتمال توافق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن لإعلان دولة كردية مستقلة. لذلك فإن موقف غول من إعلان دولة فلسطينية مستقلة قد يكون هدفه التحذير من استنساخ الإعلان في مكان آخر، وبالتحديد شمال العراق.
وفي حلب، كان رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان يواصل تعزيز الصلات الموضوعية والشخصية مع الرئيس السوري بشار الأسد. وكان واضحاً أن عروض الوساطة على تركيا واستعدادها للقيام بها لا معنى لها ما دامت إسرائيل غير معنية بالسلام الجدي، وتواصل تهويد الضفة والقدس على مرأى الإدارة الأميركية الجديدة بزعامة باراك اوباما.
قد يكون من فوائد زيارة «الدكتور» اردوغان إلى حلب هو توضيح بعض الإشكالات التي واجهتها سوريا بصمت في المرحلة الماضية، وأهمها مسألة إزالة الألغام من على الجانب التركي من الحدود مع سوريا.
لقد كان واضحاً أن المسألة تركت شكوكاً لدى الرأي العام السوري، لذا كان تركيز اردوغان في كلمته في جامعة حلب في إثر منحه لقب الدكتوراه الفخرية على موضوع الألغام. وقال إن البرلمان التركي أقرّ قانوناً لتنظيف الألغام وسط ضجة كبيرة، مضيفاً «ماذا كانوا يقولون؟ كانوا يقولون إننا سنزيل الألغام لنعطي الأراضي إلى إسرائيل. ولمن كانوا يقولون ذلك؟ إلى سلطتنا. ومن نحن؟ الذي يعرفنا يعرفنا جيداً جداً. وللأسف فإن المعارضة عندنا لا تزال لا تعرفنا، لكن أمتنا تعرفنا جيداً».
وأضاف اردوغان، في رسالة تطمين إلى السوريين، «وأخوتنا السوريون يعرفوننا جيداً جداً جداً. ولقد صدّق رئيس جمهوريتنا على القانون، لكن المعارضة حملته إلى المحكمة الدستورية ونحن ننتظر حكمها وإن شاء الله خيراً». وأشار اردوغان إلى أن تنظيف الأراضي من الألغام سيجعلها صالحة جداً للزراعات العضوية. وأمل أن تتحول هذه الأراضي إلى مصدر للوفرة والبركة من جديد وبسرعة، ولا سيما في منطقة سهل عميق التي يمر فيها نهر العاصي. وشدد على الصداقة التركية السورية، موضحاً انه إلى «جانب أن يشكل البلدان قوة ايجابية لا سلبية». وانتقد اردوغان الانقسام الفلسطيني، متسائلاً «هل يمكن للأخوة أن يعيشوا منفصلين؟». وقال إن «المسلمين إخوة».
وعلى الرغم من الكلام السياسي فإن رسالة اردوغان الثقافية إلى طلاب جامعة حلب كانت الأقوى في التدليل على العلاقة التاريخية بين تركيا وسوريا. وقال إن «حلب موجودة في الأمثال التركية وفي القصائد والأغاني. وعدد كبير من مبدعي تركيا هم من مواليد حلب، وأول جامع بناه المعمار سنان كان في حلب وقبر جد مؤسس الدولة العثمانية موجود في حلب». وأشار إلى عمق العلاقات بين تركيا وسوريا. وأضاف انه «باسمه وباسم الشعب التركي يعلن افتخاره الكبير بهذا التداخل بين البلدين. وقد بذلنا مع أخي (الرئيس السوري) بشار الأسد جهوداً كبيرة لتطوير مناخ الأخوة هذا. فاسطنبول وغازي عينتاب وشانلي اورفة وماردين هم من الثقافة نفسها التي لحلب ودمشق واللاذقية».
من جهة أخرى، رفضت المحكمة الدستورية جزئياً دعوى المعارضة لإبطال القانون المتعلق بإزالة الألغام عند الحدود مع سوريا. ورأى قرار المحكمة الذي صدر، أمس، وجوب عدم ربط تلزيم إزالة الألغام بمنح رخصة استصلاح الأراضي. وبالتالي فإن الحكومة خرجت منتصرة، عموماً، من هذه المعركة.
كما ناقشت المحكمة الدستورية دعوى المعارضة أيضاً لإبطال قانون محاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية. وذكرت في بيان لها أنها ستقوم من جديد بدراسة القضية من أساسها تمهيداً لاتخاذ قرار نهائي في وقت لاحق، في مؤشر على أن المحكمة قد تأخذ بالطعن المقدم أو على الأقل الدعوة لإعادة النظر في بعض بنوده.
Mon | Tue | Wed | Thu | Fri | Sat | Sun |
---|---|---|---|---|---|---|
30 | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 |