ندوة «المنتدى القومي» عن «المقاومة والتحديات» منير شفيق: الجيش الأميركي هو من جاء بأوباما

رأى المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي منير شفيق، في ورقة عمل قدّمها امام طاولة مستديرة عقدها «المنتدى القومي العربي» بعنوان: «المقاومة العربية والتحديات الراهنة»، لمناسبة الذكرى الثالثة لانتصار لبنان المقاوم على العدوان الصهيوني في تموز 2006، وفي الذكرى السابعة والخمسين لثورة 23 تموز الناصرية، والذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة ثورة كوبا، وأدارها معن بشور، ان «ثمة دلائل قوية تؤكد بأن الجيش الأميركي هو الذي جاء بأوباما مخالفاً لكثير من تقاليد اختيار الرؤساء، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».
افتتح الحوار الرئيس المؤسس للمنتدى معن بشور، في حضور د. محمد خواجه ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري، سفير كوبا داريو دي توريينتو، القائم باعمال السفارة السورية د. شوقي الشماط، الوزير السابق بشارة مرهج، عضو المجلس السياسي لـ«حزب الله» حسن حدرج، وحشد من الشخصيات اللبنانية والعربية والدولية وممثلو أحزاب وفصائل وهيئات.
وافتتح الندوة الدكتور محمد المجذوب رئيس المنتدى، مشيراً إلى «الذكرى المثلثة لانتصارات ثلاثة كان لها وقع وصدى وتأثير في حياة شعبين مناضلين (الشعب العربي والشعب الكوبي) تشبثاً منذ القرن الماضي، بشعارين أو مبدأين متلازمين لم يقو الاستعمار أو الاستكبار العالمي على محوهما أو تبديدهما أو اضعافهما، المبدأ الاول هو ان نيل المطالب في عالم يسوده منطق القوة والغطرسة لا يتم بالتمني، والثاني هو ان الشعوب الحرة تؤمن بان كرامتها وعزتها وارضها وامجادها وتراثها واسماء مدنها وشوارعها لا تسلم من الأذى والتشويه إلا اذا قررت الصمود».
وتحدث المجذوب عن انتصار المقاومة في لبنان على العدو الصهيوني في عامي 2000 و2006 فغيرت مسيرة التاريخ في المنطقة. وعن مصر قال: اندلعت منذ 57 سنة ثورة مجيدة قدّمت للامة العربية ولشعوب العالم الثالث، خصوصاً في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وعدد انجازاتها. كما تحدث عن الثورة الكوبية وصمودها منذ الستينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا.
وتحدث ممثل الرئيس بري د. خواجه، عن حرب تموز التي أسماها العدو بالحرب الثالثة، ففي حرب تشرين شارك أكثر من مليون ومئتي الف جندي ومئات الدبابات من الجيوش العربية، اما في حرب تموز فقد شارك 50 الف جندي صهيوني ومئات الدبابات والطائرات مقابل بضعة آلاف من المقاتلين، استطاعوا أن يسقطوا نظرية الكم مقابل الكمية، فاستبدلوا الهجوم الإسرائيلي بالفتنة الداخلية، ولكن مشروعهم فشل وسوف يفشل.
وأشار منير شفيق في ورقة العمل إلى أن إنجازات ثورة 23 يوليو كثيرة وكبيرة في قيادة حركة التحرر العربي طوال مرحلة 1952 ـ 1970، معتبراً أن الزعيم القائد جمال عبد الناصر سلم شعلة الثورة للمقاومة الفلسطينية لتنتقل منها إلى كل مقاومة تواجه احتلالاً. وأكد ان ثورة يوليو ارست قواعد للنضال من اجل الوحدة العربية والمقاومة وتحرير الإرادة من الهيمنة الامبريالية وتحقيق الصمود في وجه المشروع الصهيوني والمخططات التجزيئية القطرية. كما اعتبر ان الثورة الكوبية مثلت منذ العام 1958 اشعاعاً ثورياً لشعوب أميركا اللاتينية والغرب والعالم الثالث.
وتحدث عن «انتصار المقاومة بقيادة «حزب الله» في العام 2006 على اخطر حرب عدوانية، استهدفت القضاء على المقاومة واحتلال الجنوب وفرض الإرادة الصهيونية على لبنان». كما تحدّث «عن المقاومة التي واجهت العدوان في قطاع غزة فأنزلت به هزيمة عسكرية حين أفقدته القدرة على التقدم وتحقيق أهدافه العسكرية وفرضت عليه وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد وانسحاباً مذلاً بلا قيد أو شرط». وتطرق «لبطولات المقاومة في العراق»، عن «إنجازات كبرى تحققها المقاومة في افغانستان، وانجاز المقاومة في الصومال في دحرها للاحتلال الاثيوبي»، ليقول: «من هنا، كان لا بد ان تتحرك أميركا وحلفاؤها من اجل وقف هذا المد وضربه، وهو ما اوصل اوباما إلى الرئاسة ليلعب دوره في ذلك».
واشار الى «ان التجربة في الاشهر الستة الماضية من خلال الممارسة، كشفت حقيقة سياسات اوباما وما يمثله»، شارحا ما يجري من نقل الحرب الى باكستان، والى الايحاء الاميركي بالاستعداد للانسحاب من العراق، خصوصا ان «وقائع ما يجري على الأرض تكذبه قطعاً، وكذلك الخبرة التاريخية مع أميركا». لافتاً الى ان «الصراع الأميركي ـ الصهيوني مع ايران يتجه نحو القفز إلى رأس الاجندة بهدف نزع برنامجها النووي، أو التحكم فيه، ووقف دعمها للمقاومتين في لبنان وفلسطين. ومن ثم تدجينها لتكون دولة اقليمية مؤمركة».
ولفت الى ان «ثمة تركيزاً هائلاً تبذله ادارة اوباما على ايجاد حل سريع لما تسميه الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. اما الهدف والسبب وراء ذلك فمرجعهما خدمة الحروب التي تخوضها أميركا في العراق وافغانستان وباكستان. وهو ما اوضحه الجنرال باتريوس حرفياً، وبلا مواربة معتبراً بان الحل هنا يخدم جبهات القتال، اذ يراد منه سحب الورقة الفلسطينية، على حد تعبيره، من ايران و«حزب الله» و«حماس» و«الجهاد» كما من المقاومة في افغانستان والعراق وكل معارضي اميركا والكيان الصهيوني في العالم الاسلامي».
وانطلق من ذلك ليقول ان «التمعن في هذه السياسات التي تبنتها ومارستها ادارة اوباما هي اهداف الجيش الأميركي بامتياز، فالجيش الأميركي في عهد اوباما هو الذي يقود السياسة الأميركية مباشرة، فكل ما يقوله اوباما، وهو يتملق العرب والمسلمين، أو كل ما حدده من سياسات جاء، بقوة، ليخدم الجيش في الخروج من ورطاته العسكرية في الجبهات المفتوحة، إلى جانب الخروج من الازمة المالية ـ الاقتصادية. وهذا أمر بديهي، وان خالف تقاليد العلاقة السياسية والديبلوماسية. فكل جيش يخوض حرباً، أو حروباً، ويبدأ بمواجهة الفشل الذي يتحمل القرار السياسي مسؤوليته بالدرجة الاولى، يجد نفسه مضطراً للتدخل في القرار السياسي».
وشدد على «ان سياسة اوباما معسكرة، وان سياساته صدى للجيش. فاوباما عكس ما تشكل من انطباعات سيكون عسكرياً أكثر من أي رئيس اميركي. فاميركا في الحفرة، وكبريات الشركات الأميركية سقطت ارضاً تطلب النجدة من الدولة، والجيش الأميركي في الحفرة في العراق وافغانستان وباكستان. فمن هنا كان على الجيش ان يتدخل فهو عماد الدولة والا ضاعت أميركا». معتبرا ان «استراتيجية اوباما من حيث نقاط تركيزها العسكرية وادارتها للصراع سياسيا، تشكل جملة التحديات التي تواجه فلسطين والعرب والمسلمين بعامة، وقوى المقاومة والممانعة بخاصة».
وسجل شفيق ملاحظات على التحرك الاميركي وسياسة اوباما ليقول «ان ادارة الصراع تقتضي ان يكشف دائماً الوجه الحقيقي والأهداف الحقيقية لسياسات اوباما، وان لا تجر ساحات المقاومة والممانعة للوقوع في شرك الشكوك الداخلية وتفجير صراعات قبل أن تتضح المسارات والاتجاهات، أما من الجهة الأخرى، فان ادارة الصراع تقتضي المحافظة على التمسك بالثوابت، كما على زخم الاعداد للمواجهات المقبلة المفتوحة على الحروب والضرب تحت الحزام بأكثر مما كانت في عهد بوش». وختم بالقول: «حقاً كان أوباما سريعاً، وسريعاً جداً، في كشفه لأوراقه فلسطينياً، وليس الأمر بمختلف عراقياً وسودانياً وصوماليا وافغانيا وباكستانيا وايرانيا. ولن يكون مختلفاً على مستوى البلاد العربية كافة. والسؤال اذا كان هذا حاله يعطي الدروس بـ«الشجاعة» وهو في الحفرة فكيف سيكون الحال بعد ان يخرج منها؟».
بعد ذلك جرى نقاش للورقة. وتخلل الندوة تسليم درع تقديرية للسفير الكوبي في لبنان داريو دي توريينتو سلمه له د. المجذوب وبشور. والقى السفير الكوبي كلمة بالمناسبة.