أرشيف الأخبار

غسان ريفي
طرابلس :
يوما بعد يوم تتكشف مآس جديدة في منطقة التبانة بطرابلس نتيجة الاحداث الامنية الأليمة التي شهدتها خلال الصيف الفائت وامتدت على أربع جولات عنف بين أبناء المنطقة الواحدة في التبانة وجبل محسن بمعدل جولة واحدة في كل شهر. وخلّفت الأحداث الأمنية تلك التي نتج عنها إصابات وضحايا، وراءها مشاكل إنسانية واجتماعية واقتصادية لا تعد ولا تحصى، لا تزال تداعياتها وانعكاساتها السلبية ترخي بظلالها القاتمة على شرائح مختلفة من المواطنين الذين يرفعون الصوت مطالبين الحكومة اللبنانية والمؤسسات المانحة بتعويض الخسائر التي لحقت بهم جراء الأحداث.
فبعد مشاكل الترميم والطبابة وصرف التعويضات ومشروع الصندوق الكويتي المتعثر، وأزمة صرف الشيكات الأخيرة، أطل أصحاب المحلات الصناعية والحرفية والتجارية في باب التبانة باعتراضات شديدة اللهجة لعدم شمولهم بالتعويضات التي قدمتها الحكومة اللبنانية عبر الهيئة العليا للاغاثة.
ويؤكد المتضررون تجارياً أن ما لحق بهم من «عطل وضرر» على مدار أربعة أشهر خلال الصيف الفائت وقبل إتمام المصالحة في منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، جعلهم يرزحون تحت خسائر جسيمة وأعباء مالية كبيرة. ويشدد أصحاب المحلات على ضرورة إنصافهم ومساواتهم بتجار وأصحاب المحلات الموجودة في محيط مخيم نهر البارد في المنية وببنين والمحمرة والعبدة الذين كانوا على تخوم وفي جوار المعارك، فيما كانوا هم في قلبها وشهدوا على الشلل التام الذي لحق بالمنطقة، كما شهدوا على انهيار العديد من المصالح نتيجة غياب الزبائن وعدم دخولهم الى التبانة في تلك الفترة التي حفلت بالتوتر.
وكان اصحاب المحلات الصناعية والحرفية والتجارية عقدوا سلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين المعنيين وفي مقدمتهم المفتي مالك الشعار والأمين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء يحيى رعد وقدموا شرحا مفصلا عن أوضاعهم وعن الخسائر التي لحقت بهم خلال فترة الاحداث، وتراكم الرسوم والإيجارات وفواتير الكهرباء والمياه عليهم، وقد تلقوا وعودا بالنظر الى قضيتهم، لكن هذه الوعود لم تترجم على أرض الواقع أي مبادرة لدراسة أوضاعهم تمهيدا للتعويض عليهم.
ويقول عضو لجنة المتابعة لأصحاب المحلات محمد كاردوباكي لـ «السفير»: «نحن لا نطلب المستحيل ومطالبنا مشروعة ومحقة»، مناشدا «الرؤساء والوزراء والنواب الذين وقّعوا على وثيقة المصالحة في منزل المفتي ان يعملوا على إيصال الحقوق لأصحابها». وينتقد كاردوباكي الطريقة العشوائية التي تم فيها صرف التعويضات التي جاءت مجحفة بحق العديد من المتضررين، لافتا الى أن أصحاب المحلات التجارية عانوا الأمرين وخسروا كثيرا من مقدراتهم، وهم بأمس الحاجة الى تعويض مالي يساعدهم في الوقوف على أقدامهم من جديد واستئناف اعمالهم بشكل طبيعي.
ويحذر علي السيد من الوصول الى الطريق المسدود في القضية، لافتا إلى أن بعض الرساميل قد تلاشت، والعديد من المحلات والمؤسسات قد انهارت بعد ان فقدت زبائنها، مؤكدا ان أصحاب المحلات لم يكونوا على هامش الاحداث بل كانوا في قلبها فأكثريتها تنتشر في شارع سوريا وعند خطوط التماس وقد ساهمت العناية الالهية في حمايتها من الاصابات المباشرة، لكنها على مدار أربعة أشهر لم يدخّل اصحابها قرشا واحدا وهذا كفيل بانهيار مؤسسات ضخمة فكيف بمحلات تجارية تعيش يوما بيوم.
أمام هذا الواقع وفي ظل تزايد الضغوطات والاعباء المالية عليهم، باشر أصحاب المحلات التجارية في التبانة تحركا استهل بتوزيع بيان على المسؤولين من وزراء ونواب في طرابلس عبروا فيه عن أسفهم لعدم توصلهم عبر لقاءاتهم واتصالاتهم إلى نتائج إيجابية، وذلك تحت ذريعة ان مسألة «العطل والضرر» لم يتم لحظها في التعويضات، مذكرين انه أثناء حرب مخيم نهر البارد جرى التعويض على الجوار، فلماذا لا يعوّض علينا ونحن أصحاب المحلات في التبانة، علما أننا كنا في قلب الأحداث ولسنا في الجوار؟!.
وطالب اصحاب المحلات التجارية في بيانهم الرئيس المكلف سعد الحريري، والرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي ونواب طرابلس والهيئة العليا للاغاثة بالعمل لتأمين المبالغ المطلوبة كي تصرف إلى أصحاب المحلات كتعويض لهم عن الأعطال، مناشدين المفتي مالك الشعار الذي كان على رأس المصالحة ببذل الجهود من اجل إنهاء هذا الملف للضرورات الإنسانية والاجتماعية وخصوصا أننا أصبحنا على أبواب شهر رمضان المبارك والأعياد والموسم الدراسي الجديد، والكل يعلم ما لذلك من مصاريف إضافية تقع على رب العائلة لا سيما أصحاب الدخل المحدود، وهم كثر نتيجة الضائقة الاقتصادية التي نعاني منها في بلدنا.
وختم اصحاب المحلات بيانهم مؤكدين أن الحالة باتت لا تطاق، وأن أحدا منهم لم يعد قادرا على الصمود، بعد الخسائر التي لحقت بهم خلال الاحداث التي حالت دون دخول الزبائن الى التبانة، لافتين الى أنهم بصدد تفعيل تحركاتهم والاتجاه نحو الاضراب والاعتصام المفتوح إذا لم يصر الى إنصافهم وصرف التعويضات لهم.