إلتقى رؤساء الدول والحكومات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/سبتمبر 2000 لتأكيد إيمانهم بالمنظمة وميثاقها باعتبارهما أساسين لتحقيق مزيد من السلام والرخاء والعدل في العالم. وشدّد القادة في اجتماعاتهم على أن لكل إنسان الحق في العيش بكرامة والتزم الجميع العمل على تحسين مستوى المعيشة في بلادهم وتقديم العون للدول الأقل تقدما وذلك من خلال العمل على تحقيق ثمانية أهداف بحلول عام 2015 عرفت بالأهداف الإنمائية للألفية. وتنصّ هذه الأهداف على القضاء على الفقر المدقع والجوع، وتحقيق تعميم التعليم الإبتدائي، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتخفيض معدل وفيات الأطفال، وتحسين الصحة النفاسية، ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، وكفالة الإستدامة البيئية وإقامة شراكة عالمية من أجل التنمية.
الآن، وقد انقضى أكثر من نصف المهلة التي حدّدت عام 2000 لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015، هل التزم قادة العالم بتعهداتهم؟ هل نحن على المسار الصحيح؟ هل ما زال هناك أمل بتحقيق الأهداف كليا أو جزئيا، مع الأزمات المتفرقة التي تعصف بالجميع وتشكل تحديا لهم؟ ومن أجل تسليط الضوء على آخر المستجدات، أصدرت الأمم المتحدة تقييما للتقدم المحرز في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية على الصعيد العالمي والمناطقي. ويستند هذا التقرير إلى مجموعة من البيانات التي عكفت على إعدادها ما يقارب عشرين منظمة من داخل منظومة الأمم المتحدة وخارجها، بما فيها البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وفي مناسبة إطلاق تقرير الأهداف الإنمائية للألفية 2009 ، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المجتمع الدولي لا يمكنه التذرع بأن المتغيرات المناخية والإقتصادية تمنعه من الإلتزام بالتعهدات الواردة في الإعلان العالمي للألفية الثالثة. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يدير ظهره إلى الفقراء والضعفاء. وشدّد على أن تحقيق هذه الأهداف ما زال ممكنا حتى في البلدان الفقيرة جدا، متى توافرت الإرادة السياسية لتقديم المساعدات الإنسانية بشكل كاف ومستمر.
ولاحظ التفرير أن أوجه التقدم الرئيسية التي تحققت في مكافحة الفقر والجوع بدأ يعتريها البطء، بل وربما انعكس مسارها من جراء الأزمات الاقتصادية والغذائية التي حلت بالعالم. فالمكاسب التي تحققت منذ أوائل تسعينات القرن الماضي في مجال القضاء على الفقر- حينما تقلصت نسبة الفقراء من 20 في المئة في الفترة من 1990 إلى 1992 إلى نسبة 16 في المئة في الفترة من 2004 إلى 2006 تراجعت في عام 2008 لأسباب عزيت في معظمها إلى ارتفاع أسعار الأغذية. وفي النصف الثاني من عام 2008 ، طرأ انخفاض على الأسعار الدولية للأغذية لكن هذا الانخفاض لم يسفر عن توفير الأغذية بأسعار معقولة لمعظم الناس في مختلف أنحاء العالم.
وفي الفترة الممتدة من 1990 إلى 2005، انخفض عدد الذين يعيشون على أقل من 25،1 دولار في اليوم من 8،1 مليون نسمة إلى 4،1 مليون نسمة. أما في عام 2009، ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتباطؤ الاقتصاد العالمي، من المتوقع أن يرتفع عدد الذين سيقعون في شرك الفقر المدقع بمقدار يتراوح بين 55 و90 مليون نسمة عما كان متوقعا قبل حلول الأزمات.
ويتوقع التقرير أيضا أن يصل معدل البطالة العالمية في عام 2009 إلى ما تتراوح نسبته بين
1،6 و 7 في المئة للرجال و5،6 في المئة للنساء. ولايزال الكثيرون منهم أسرى وظائف غير مأمونة وغالبا غير مدفوعة الأجر، مما يعوق التقدم صوب تحقيق المساواة بين الجنسين.
أما بالنسبة للهدف الذي ينص على تخفيض معدل وفيات الأطفال الى النصف بحلول عام 2015،فقد اعتبر معدّو التقرير أن التقدم الذي تحقق في مجال تغذية الطفل خلال الفترة من 1990 إلى 2007. ومن المحتمل أن يتقلّص هذا التقدم مع ارتفاع أسعار الأغذية وتزايد الاضطراب الاقتصادي هو تقدم ضئيل. كما تعرّض هدف تحسين الصحة النفاسية إلى انتكاسة بسبب الانخفاض الكبير في تمويل المانحين المخصص لتنظيم الأسرة. كما أن قدرة البلدان المتقدمة على تمويل البرامج الإنمائية قد يتضاءل في ظل انكماش الاقتصاد العالمي في عام 2009.
وبالرغم من الصورة القاتمة التي يحذر منها التقرير، حقق كثير من البلدان والمناطق تقدما ملموسا قبل التغير الجذري الذي طرأ على الساحة الاقتصادية في عام 2008. ففي بلدان العالم النامي، بلغ معدل الالتحاق بالتعليم الإبتدائي نسبة 88 في المئة في عام 2007، محققا زيادة عن نسبة 83 في المئة التي حققها في عام 2000.
وانخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بصورة مطردة في جميع أنحاء العالم إلى قرابة 9 ملايين طفل في عام 2007 من 12,6 مليون طفل في عام 1990، وذلك على الرغم من النمو السكاني. رغم أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ظلت تستأثر بأعلى معدل لوفيات الأطفال، حدث تحسن ملحوظ على أثر توزيع الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية للحد من ضحايا الملاريا. كما يجري إحراز تقدم ملحوظ في مكافحة داء الحصبة نتيجة لبرامج التحصين.
وعلى صعيد معدل الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، انخفض إلى 7،2 مليوني إصابة في عام 2007. كما انخفض معدل الوفيات. ويعزى ذلك جزئيا إلى زيادة الحصول على علاج المضادات والذي يمكن المصابين بالمرض من البقاء على قيد الحياة لفترات أطول من ذي قبل.
أما منطقة غرب آسيا، فقد عرفت ازديادا مطردا في عدد الفقراء. وبحسب تقرير الأهداف الإنمائية لهذا العام، ارتفع عدد الفقراء بين عامي 1990 و2005 من 3 ملايين إلى 11 مليون نسمة. وقد ساهمت الأزمة الاقتصادية والأزمة المالية العالمية في تفاقم الوضع إلى ما هو عليه، الأمر الذي دفع عشرات الملايين من السكان إلى العمل في وظائف ضعيفة. كما ساهمت الصراعات الدائرة في المنطقة في تشريد السكان وانحراف المنطقة عن مسارها في تحقيق أهداف الألفية.
ويحذر التقرير من أن الطموحات الإقليمية لتحقيق هدف الحد من معدل الجوع هي الآن في خطر. فقد ارتفعت النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في فقر مدقع، أي الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 25،1 دولار اميركي في اليوم، من 2 في المئة إلى 6 في المئة بين عامي 1990 و2005. كما ارتفع عدد الفقراء العاملين الذين لا يستطيعون كسب ما يكفي لإعالة أسرهم.
ووفقا للتقرير، لايزال الوضع الإقليمي الخاص بأهداف تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين بعيد المنال. ولاتزال دول غرب آسيا من بين أدنى المؤشرات للمساواة بين الجنسين في التعليم الإبتدائي والثانوي. وبرغم مكافحة المرأة من أجل النهوض في التمثيل السياسي، فإن نسبة تمثيلها في البرلمان لم تتجاوز 9 في المئة من المقاعد البرلمانية.
ويسلط التقرير الضوء أيضا على إنجازات مهمة مثل الحصول على مياه الشرب المأمونة، على الرغم من عدم توافرها في المناطق الريفية حيث لا يزال 20 في المئة من السكان يستخدمون مصادر مياه غير معالجة. كما أحرز تقدم كبير في إتاحة فرصة الوصول إلى الصرف الصحي المأمون، حيث يستخدم 84 في المئة من السكان المرافق الصحية المحسنة.
والجدير بالذكر أن إدارة شؤون الإعلام في الأمم المتحدة تنظم المؤتمر السنوي الأول بشأن النموذج العالمي لمحاكاة الأمم المتحدة في جنيف من 5 إلى 7 آب/أغسطس 2009 حول موضوع الأهداف الإنمائية للألفية وهو "إنتشال البليون نسمة الذين يعيشون في الحضيض من براثن الفقر". ويعتبر هذا المؤتمر عنصرا جديدا في برنامج الاتصال بالشباب ودعوتهم إلى المشاركة في مناقشة ومعالجة أهم المواضيع الواردة في برنامج عمل المنظمة. وقد وجهت الدعوات إلى 323 برنامجا لمحاكاة نموذج الأمم المتحدة على المستوى الجامعي. وتشارك من المنطقة العربية وفود من لبنان والبحرين ومصر.
وفي إطار أنشطة التوعية التثقيفية التي يقوم بها مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت، إجتمع المركز في 14 تموز/ يوليو، في بيت الأمم المتحدة، مع أعضاء الوفد اللبناني المشارك في المؤتمر السنوي الأول بشأن النموذج العالمي لمحاكاة الأمم المتحدة الذي يعقد في المدينة السويسرية، جنيف بين 5 و 7 آب/ أغسطس. ويتألف الوفد من تسعة طلاب جميعهم من الجامعة اللبنانية ـ الأميركية، وقد ساهموا في تدريب المشاركين في الدورة الرابعة لنموذج الجامعة اللبنانية ـ الأميركية للأمم المتحدة المخصص لتلامذة المرحلة الثانوية.
وقد إستهلّ السيد بهاء القوصي، مدير مركز الأمم المتحدة في بيروت، حديثه مع وفد الطلاب عن أعمال المنظمة الدولية للتصدي للتحديات العالمية المتعدّدة التي تواجه القرن الحادي والعشرين. وبعد مشاهدة شريط وثائقي بعنوان " الأمم المتحدة: إنه عالمكم"، عبّر الطلاب عن مساندتهم لأعمال ومبادئ الأمم المتحدة وجهودها الرامية الى إحداث فرق في حياة جميع البشر في أماكن متفرّقة في العالم.
كما شاهد الطلاب شريطا وثائقيا آخر بعنوان "لنحقق الأهداف الإنمائية للألفية" والذي يسلط الضوء على أعمال المنظمة الدولية من أجل تحقيق هذه الأهداف. وأعاد مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام إلى أذهان الطلاب إلتزام زعماء دول العالم في عام 2000 بتحقيق الأهداف الثمانية بحلول عام 2015 من أجل تحسين مستوى المعيشة عند الجميع خاصة الضعفاء منهم. وقال القوصي إنه بالرغم من أوجه التقدم الرئيسية التي تحققت حتى الآن مع انقضاء أكثر من نصف المهلة الزمنية، بدأ المسار يعتريه البطء بل وربما انعكس جراء الأزمات الاقتصادية والغذائية التي حلت في العالم. كما شرح لهم العوامل التي ادت في عام 2008 إلى تقلّص المكاسب التي تحققت في مجال القضاء على الفقر والمجاعة جراء إرتفاع أسعار الأغذية. كما أن التحرر العالمي وتغير المناخ يضيفان عبئا على الأسواق الغذائية ويؤثران ليس فقط على الزراعة بل على إدارة الأراضي والمياه. واعتبر الطلاب أن الأمم المتحدة قد نجحت في تحقيق تعميم التعليم الإبتدائي وانخفاض معدل وفيات الأطفال والأمهات وانخفاض معدل الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.
وتناول القوصي في حديثه ايضا المؤتمر المنعقد مؤخرا في حزيران/يونيه لتحديد الإجراءات الرامية إلى التخفيف من أثر الأزمة الإقتصادية العالمية على التنمية والفقراء، وبدء حوار بشأن إصلاح البنيان المالي الدولي. كما ناقش الطلاب مسألة إنتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وآثارها على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وقد شدّد الجميع على أن الأمن والسلامة عاملان أساسيان لتحقيق التنمية والإستثمارات.
وقدّم مركز الأمم المتحدة للطلاب ملفا إعلاميا تضمن كتيبا بعنوان "رؤية الأمين العام: بناء أمم متحدة أقوى من أجل عالم أفضل"، ولائحة الأهداف الإنمائية للألفية، وبيانا صحافيا حول تقرير الأهداف الإنمائية للألفية 2009، مجموعة من الوثائق حول مؤتمر المناخ العالمي الثالث، وموجزا عن تقرير"الأزمة العالمية الإقتصادية والمالية: آثارها الاقليمية، الاستجابات والحلول"، وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
Mon | Tue | Wed | Thu | Fri | Sat | Sun |
---|---|---|---|---|---|---|
30 | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 |