حاصبيا - عمر يحيى
صحيح ان الثروة الحرجية والأراضي الزراعية في منطقتي حاصبيا والعرقوب ما زالت بمنأى عن شرارات الحرائق التي بدأت تطال عددا من المناطق اللبنانية، الا ان الخوف منها ما زال قائماً رغم التحذيرات التي أطلقتها الجهات المعنية والمهتمة بالبيئة والثروة الحرجية، خاصة وان كثافة الأعشاب البرية واليابسة تغطي الأراضي البور بشكل كبير ما يزيد مخاوف اشتعال الحرائق لسبب او لآخر، وعندها يصبح من الصعب بمكان إطفاء تلك الحرائق بالسهولة المرجوة، خاصة وان حرائق الصيف الماضي التهمت مساحات شاسعة من الأحراج الصنوبرية والحرجية والزراعية في العديد من قرى حاصبيا والعرقوب وذلك على الرغم من تدخل اجهزة الدفاع المدني والجيش اللبناني والقوى الأمنية والأهالي وحتى الكتيبة الهندية العاملة ضمن قوات اليونيفيل المعززة في جنوب لبنان والتي تقع منطقة العرقوب في نطاق عملها، سعياً منهم للحد من اتساع رقعة تلك الحرائق.
وتتواصل اليوم المناشدات لتعزيز أجهزة ومكاتب الدفاع المدني المتواجدة في منطقتي حاصبيا والعرقوب، وعددها اربعة تتوزع على حاصبيا وشبعا والخلوات وراشيا الفخار، وذلك كي تكون جاهزة وقادرة على إطفاء أي حريق أينما كان المكان ومهما كانت الظروف. فهذه المراكز ومنذ افتتاحها، تعاني نقصا في الطاقم البشري والمعدات وسيارات الإطفاء المجهزة والمخصصة لمكافحة الحرائق على انواعها، مع العلم أنه يعمل في تلك المراكز نحو 50 متطوعاً وخمسة أجراء، وهي بحاجة الى المزيد من سيارات الإطفاء خاصة تلك التي تعمل بالدفع الرباعي خصيصاً للأماكن الحرجية والوعرة، وايضاً جرافة صغيرة تسمح بوصول سيارات الإطفاء الى داخل الأحراج والغابات.
وكان قائمقام حاصبيا وليد الغفير تلقى كتاباً من مكتب الدفاع المدني في حاصبيا يطلب فيه اتخاذ سلسلة تدابير وقائية تحد من اخطار الحرائق واتساع رقعتها في حال نشوبها. واكد ضرورة تحمل البلديات جزءاً من المسؤولية عبر التنسيق مع الجهات المعنية من دفاع مدني وقوى امنية وجيش لمواجهة أي حوادث يمكن ان تتسببها الحرائق، داعياً الجيش والأجهزة الأمنية الى التشدد في مراقبة المواطنين ممن قد يتسببوا في إشعال الحرائق عن قصد او غير قصد وعدم رمي الزجاجات تحت أشعة الشمس او اعقاب السجائر .
وفي هذا السياق، فإن رئيس بلدية كفرحمام سعيد حمود الذي يسكنه هاجس الحرائق كالكثيرين من ابناء المنطقة وفعالياتها، خاصة وان بلدته غنية بأحراج الصنوبر والسنديان والتي تعتبر مصدراً بيئياً ومادياً للبلدة والجوار، أهاب بمؤسسات الدولة المعنية وبالشعب اللبناني إطلاق حملة للوقاية من حرائق الغابات والتي تشكل الأساس في تقليص خطر الحرائق والنتائج المدمرة المترتبة عليها بهدف حماية ما تبقى من موارد طبيعية عبر القيام بحملات توعية للسكان للوقاية من الحرائق، مشيراً الى أن بلديته اتخذت الإجراءات الممكنة والكفيلة بمنع وقوع الحرائق.
اما رئيس بلدية راشيا الفخار غطاس الغريب، والتي كان لها نصيب من الحرائق في الصيف الماضي، فقد أشار الى أن بلدته كان فيها أكثر من 10 آلاف شجرة صنوبر. ولكن بسبب الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المنطقة منذ السبعينات والحرائق، اصبح عددها اليوم حوالي اربعة آلاف شجرة. ومنذ مدة، قامت الكتيبة الهندية عبر "اليونيفيل" بغرس حوالي أربعة آلاف شجرة صنوبر في حرج البلدة، لافتاً الى ان البلدية بصدد زرع خمسة آلاف شجرة مع بداية موسم الزرع في العام القادم. ويقول الغريب إن الهدف من ذلك تعزيز الثروة الحرجية وتحديداً الصنوبرية التي تساهم في إنعاش البيئة وإضفاء منظر جميل للمنطقة، وايضاً علّنا نعوّض عما لحق بالثروة الحرجية في هذه المنطقة من حرائق ودمار. وقال: صحيح انه يوجد مركز للدفاع المدني في البلدة ولكنه بحاجة الى تجهيزات ومتطوعين أكثر للقيام بما هو مطلوب في حال نشوب الحرائق خاصة وأننا في منطقة جبلية ووعرة، مؤكدا ان البلدية تقدمت بطلب الى وزارة الزراعة تطالبها فيه بشق طرق في الأحراج ليستطيعوا الوصول اليها وتنظيفها من الحشائش والأغصان التي قد تتسبب بالحرائق. كما طالب الجهات المعنية بالعمل من أجل إزالة القنابل العنقودية المنتشرة في الأراضي الزراعية والحرجية في منطقة العرقوب تحديداً.
اضاف: "سيجارة، عود كبريت أو زجاجة كفيل بأن يشعل حريقاً. ولكن الإستعدادات والتجهيزات والتوعية للوقاية من الحرائق كفيل بالحد من إتساع رقعة أي حريق قد ينشب في أراضينا الحرجية والزراعية، بحيث بات الخوف على لبنان الأخضر من أن تتحول جباله الى مشاحر. ومنطقتا حاصبيا والعرقوب، كغيرهما من المناطق اللبنانية، بحاجة الى دعم ومساندة لتعزيز الأخضر ليبقى لبنان حقاً لبنان الأخضر".